نعت النقابة العامة للمهن التعليمية بقيادة وراء الزناتي نقيب المدرسين ورئيس تحالف المدرسين العرب، الجندي المقاتل عبد الرحمن أحمد عبداللاه القاضي صاحب أشهر صورة في حرب اكتوبر المجيدة، والذي كان يعمل موجهاً بالتربية والتعليم، حيث مات البارحة ، بمحل مولده في مدينة المراغة محافظة سوهاج.
ووجه "الزناتي"، النقابة الفرعية للمدرسين بسوهاج واللجنة النقابية للمدرسين بالمراغة، بترتيب حفل تكريم اسم البطل عبدالرحمن القاضي، مقدماً خالص تعازيه لأسرته ورفاق حياته من زملائه ومحبيه.
وشدد نقيب المدرسين، أن انتباه النقابة بإقامة ذلك الحفل لاسم صاحب أشهر صورة في حرب شهر أكتوبر المجيدة يأتى تعبيرًا صادقًا عن عميق الحزن على رحيله حيث أفنى حياته فى خدمة التربية والتعليم وقد كان له دور بارز في خدمة العسكرية المصرية، ليتواصل وينبسط عطاءه بسيرته الطيبة.
مهم ذكره أن عبدالرحمن القاضي صاحب أشهر صورة على الجبهة التي يتضح فيها ممسكاً بسلاحه باليد اليمنى، ورافعاً علامة النصر عبور قناة السويس بيده اليسرى، مثلما أن القاضي كان يعمل موجهاً بالتربية والتعليم، مُحال على المعاش، والتحق "القاضي" بالتجنيد في 4 تشرين الأول 1967 بسلاح المدرعات، ثم انضم للكتيبة 212 دبابات في الفرقة 19 مشاه، وأثناء هذه المرحلة عاصر حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر المجيدة، وله خمسة أولاد.
قصة المعلم الاستاذ عبدالرحمن القاضى صاحب اشهر صورة فى حرب اكتوبر عندما رفع يديه على خط بارليف ملوحا باشارة النصر واليد الاخرى رافعا سلاحه القصة نقلا عن موقع "المصرى اليوم "
في دائرة تُشبه القمر، جلس سكان وجيران الجُندي عبدالرحمن القاضي يُشاهدون صورته على الجبهة، إذ يظهر في الصورة الضوئية فرحة بنصرٍ جاء عقب «شوق» هائل، حتّى دخل عليهم عبدالرحمن بـ«شحمه ولحمه»، تأكدوا حينها أن ابنهم بطل، ساهم في حرب تشرين الأول 1937، وشدد لهُم هو هذا بحكايات استمرّ يرويها لسنوات، مُرددًا: «الله أضخم.. أنا كنت هناك بنفس الساعة ونفس السلاح»، لم يعرف عبدالرحمن ولا أهلهُ حينها، أنه سيصبح «رمز» نصر شهر أكتوبر لسنوات ربمّا لن يمكننا عدّها.
«المصري اليوم» ترصُد قصص من سجِل واحد من أشهر أبطال حرب تشرين الأول، بحسبًا لحكايات نشرت في حوار لهُ مع «المجموعة 73 مؤرخين».
يُعرفه الدكتور أحمد مختار أبوالدهب في سطور ضئيلة، قائلاً: «إنهُ المقاتل عبدالرحمن أحمد عبداللاه القاضى، ابن مدينة المراغة، محافظة سوهاج، مدرس أجيال، موجه بالتعليم الابتدائى بالمعاش، تخرجت من ضمن يديه أجيال، أفتخر أننى كنت واحدا منهم، عرفته كأستاذى منذ نعومة أظافرى، سوى إننى فوجئت به كمقاتل من خلف هذه الصورة، التي فاجأنى بها ابن شقيقهُ، موجهًا اهتمام المجموعة 73 مؤرخين إلى ذلك المقاتل الذي لم يسمع عنه واحد من».
كيف بدأت قصة عبدالرحمن؟
في أوائل شهر أكتوبر 1967، مع نسمات الرياح الباردة، التحق عبدالرحمن بالتجنيد، بعد تطلعُه على الفورً، إذ بدأ حياته العسكرية في ترتيب التمرين، اشترك في الطليعة بسلاح المدرعات، ثم التحق بتخصص اتصالات سلكية ولاسلكية بسلاح المدرعات، وفيما في أعقاب ثبت في الكتيبة «212» الفرقة 19 مشاة، المتواجدة بالكيلو 16، سبيل العاصمة المصرية القاهرة السويس.
ساهم عبدالرحمن في حرب الاستنزاف في وقت لاحق، مثلما وثّق لهذا في المحادثات المذكور أسبقًا: «كان العدو يزيد تحيته لنا الجمعة بأن يجعل القذف يتواصل لمدة أطول، يمكن أن تصل إلى 20 ساعة، لأنهم يعرفون الجمعة وشعائر الصلاة فيه، ورغم هذا كنا نمارس حياتنا على نحو شبه عادى، اعتدناه مع مرور الأيام».
كان عبدالرحمن وطنيًا للدرجة التي جعلته يُؤجل ميعاد زفافه حتى ختام الحرب، مثلما يقول: «هيأت دنياي على كونى مقاتلا على خط النار دون المراعاة كثيرا بفكرة أنى سأعود مدنيا مثلما كنت».
وفيما يخُص «العبور»، روى عبدالرحمن ذكرياته عن أيام الحرب، ففي واحد من الأيام فوجئ العساكر بضربة جوية الساعة 2 ظهرًا، لم يتنبأ العساكر ما وقع، إلا أن أحدهُم همس في أذنهم، مُرددًا: «اطمئن، سنعبر بإذن الله، اللواء عبدالغني الجمصي مجهز التدبير وربنا هينصرنا إن شاء الله».
وقبل الثانية ظهرًا، خرج عبدالرحمن وأصدقاؤه، نظروا إلى السماء، فوجدوها مليئة بالطائرات تُحلق فوق رؤوسهم، فيما علت الصيحات «الله أضخم».
استعد العساكر حينها للعبور، مثلما أفاد عبدالرحمن: «كان استعدادنا المباشر قبيل العبور متمثلاً في إعداد المعدات، طبعا لم نعبر في النظام الأول، إذ عبرنا بعدما تم تأسيس رؤوس الكباري وفتح ثغرات في الساتر الترابى، لكن المرأى الذي كان يجعل الدموع تنهمر من عيوننا ويجعلنا نتشوق للعبور في تلك اللحظة قبل الآتية، هو مرأى معرفة جمهورية مصر العربية المرفوع والمرفرف على الجبهة الشرقية».
وبتاريخ 7 شهر أكتوبر، كان الطيران المُعادي يسعى عمل إنقضاض عكسي وإعطاب الكباري، لكن «دفاعنا الجوي الباسل قام بدور كبير، لقد فوجئنا بطائرة معادية تسقط بين تشكيلنا الذي كان يمثل مربعا ناقص ضلع والقائد في المنتصف».
وبعد العبور، عمت الفرحة إذ ثبّت الله العساكر، ونزع الرهاب من صدورهم تمامًا.
اختتمت الحرب، وذهب كل إلى سبيله، إلا أن بقت صورة عبدالرحمن، رافعًا معرفة جمهورية مصر العربية على الجبهة، في ذاكرة كل مصري.
بات عبدالرحمن في طي عدم التذكر، لم يتذكرهُ واحد من، خرج من الخدمة بعد أن اختتمت مرحلة تجنيده، عاقبة شهر مايو 1974، اكتفى بأن يروي حكايته للطلاب، إذ عمل كمدرس، حتّىْ بات موجّها بالتعليم الابتدائي.